لا يختلف أحد على أن الصناعة الإستراتيجية تعتبر جزءا أصيلا من مقتضيات الأمن القومى لأي بلد ، وبالتالي الحفاظ عليها وتطويرها يعد ضرورية حيوية ، والتفريط فيها يعد خيانة للوطن وتهديد لأمنه . ويجمع خبراء الصناعة أن شركة مصر للألمونيوم (مجمع الألومنيوم ) في نجع حمادي هو إحدى أهم قلاع الصناعات الاستراتيجية فى مصر لأنه يمد الالاف من مصانع الألمونيوم المصرية باحتياجاتها بأسعار معقولة بالاضافة إلى التصدير لأكثر من 50 دولة في قارات العالم مما يعد مصدرا ثابتا للنقد الأجنبي والأهم أن منتجاتها المتعددة ذات الجودة العالية ترفع اسم مصر في الأسواق العالمية . وأبلغ وصف لهذا المجمع ذكره الباحث حسين عبد الغفار في دراسة بعنوان (شركة مصر للألومنيوم بين فلسفة النشأة..وفلسفة المصير ) بقوله : ” مصر للألومنيوم مجتمع صناعى وعمرانى ساهم فى تحقيق عائد إجتماعى وعائد إقتصادى على مستوى المنطقة المحيطة بها وعلى المستوى القومى” .
ومنذ بدء سياسة تحرير أسعار الطاقة في السنوات القليلة الماضية يتعرض هذا الصرح الصناعي العملاق ( مجمع الألمونيوم ) لمخاطر الإنهيار بسبب إرتفاع أسعار الكهرباء حيث تمثل الطاقة الكهربائية حوالي 38.46 % من إجمالى تكلفة إنتاج طن الألومنيوم . وتشير الاحصائيات الموثقة التي أصدرتها الشركة أنها تستهلك 85 ميجا وات ساعة مما يعني أن إرتفاع سعر الكهرباء قرش واحد فقط يؤدي لزيادة 50 مليون جنيه سنويا في فاتورة الكهرباء.
وأوضحت الاحصائيات أن سعر الكيلو وات ساعة بلغ 72 قرشا في العام المالي 2017 /2018 فقفزت تكلفة الكهرباء الإجمالية سنويا الى 3 مليارات و545 مليون جنيه بنسبة زيادة 43.6 %. ورغم ذلك حققت الشركة أرباحا بلغت 1.7 مليار جنيه. واعتبارا من أول يوليو عام 2018 تم رفع سعر الكيلو وات ساعة الى 100.72 قرش مما صعد التكلفة الإجمالية للكهرباء الى 5.1 مليار جنيه سنويا بنسبة زيادة 42 %عن العام السابق. ورغم ذلك تشير مؤشرات ميزانية ( 2018 / 2019 ) أن الشركة ستحقق أرباحا معقولة تبلغ 2.7 مليارجنيه.
ويقول المهندس ياسر الجالس رئيس اللجنة النقابية للعاملين أن الارتفاع الجديد في اسعار الكهرباء سيدخل الشركة بميزانية خاسرة العام القادم تقدر بحوالي 342 مليون جنيه.
ويؤكد الجالس أن الشركة تفي بكافة متطلباتها وليس عليها أي متأخرات لأي جهة حكومية فهي تدفع 5.1 مليار جنيه كهرباء سنويا، وحوالي 600 مليون جنيه ضرائب أرباح ، و12 مليون جنيه ضرائب كسب عمل سنويا. وتوفر الاستقرار المعيشي لحوالي 6000 عامل واسرهم، وساهمت في تخفيف عادة الثأر في 5 محافظات بالصعيد .
فالجدوى الاقتصادية والاجتماعية ومقتضيات الأمن القومي تلزم الحكومة والقيادة السياسية سرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على صرح مجمع الألمونيوم . وهناك الكثير من الدول تدعم الكهرباء اللازمة لتشغيل الصناعات الاستراتيجية مثل السعودية والبحرين والامارات وقطر وعمان والصين واستراليا وايران وغانا والهند واندونيسيا وماليزيا وروسيا والبرازيل وغيرها من أجل الحفاظ عليها وتشجيعها على المنافسة عالميا .
وقد طرح الخبراء حل عملي ومعقول لهذه المشكلة يتمثل في توقيع عقد طويل الأجل بين شركة مصر للألومنيوم ووزارة الكهرباء لتوريد الطاقة الكهربائية ينص صراحة على ربط أسعار الكهرباء بأسعار المعدن ببورصة لندن للمعادن ، مع الأخذ في الإعتبار أن أرباح شركة مصر للألومنيوم أو أرباح شركات الكهرباء تذهب أساسا إلى خزانة الدولة .وتنفيذ هذا العقد يدعم قدرة الشركة التنافسية في الأسواق العالمية ويحافظ على معدلات الانتاج بالجودة العالية ويدعم مركزها المالى ويحافظ على استقرار العاملين وأسرهم.
وتتزايد المخاوف من مخاطر التباطئ عن معالجة هذه الأزمة عندها سيلحق مجمع الألمونيوم بركب الصناعات الاستراتيجية المتعثرة مثل الحديد والصلب والغزل والنسيج والاسمنت .