شارك أهالي قريتي ( المنيرة القناطر الخيرية ) في كل معارك الوطن ، وقدموا العديد من أبنائهم شهداء للدفاع عن ترابه وحمايته من المعتدين والإرهابيين . وصبروا على فقدان فلذات أكبادهم وكان عزاء الجميع أن دمائهم الذكية سالت برصاص الأعداء. أما يوم الخميس 13 من يونيو الحالي فقد كان يوم الحزن العام، الذي شمل كل الأهالي الكبار والصغار والرجال والنساء والشيوخ والشباب ،على فقد 5 من فتيان القرية وإصابة 3 آخرين بإصابات جسيمة في حادث مرور مأساوي.
حزن الجميع على “شهداء لقمة العيش” لأنهم هؤلاء التلاميذ الصغار ماتوا وهم في طريقهم للعمل بمزارع الصحراء لمساعدة أنفسهم وأهاليهم للحصول على لقمة عيش تسد رمقهم ، فسالت دمائهم الذكية على الأسفلت بسبب سائق نقل متهور. هؤلاء الفتيان الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و16 عاما اضطرتهم ظروفهم المعيشية للعمل بمجرد انتهاء دراستهم ، ووقعوا في يد مقاولي أنفار لا يرحمون طفولتهم ، ويشحنوهم مختلطين ( فتيان وفتيات في سن المراهقة) فجرا في صناديق عربات نصف نقل في صورة غير آدمية للعمل حتى الواحده ظهرا بأجر يومي قليل يبلغ 60 جنيها يوميا . وكان من المفترض أن يتم نقلهم بالمكروباصات ويوفر لكل طفل مقعد،وهذا لصالح العمل لانهم سيصلون للعمل مستريحين فيعطون جهدا أكثر.
أثارهذا الحادث الأليم ، أحاديث أكثر إيلاما تتعلق بقضايا حقيقية تخص حاضر ومستقبل مجتمعنا في مقدمتها قضية عمالة الأطفال حيث تشير احصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء ان عدد الاطفال العاملين يبلغ حوالي 1.8 مليون، بينما يفيد المجلس القومى للطفولة والأمومة أن هناك أكثر من مليوني طفل عامل يمثلون حوالى 26٪ من إجمالى عدد الأطفال فى مصر، بينما احصائيات منظمة العمل الدولية تقدرهم بـ 2.2 مليون طفل ، وبحسب مركز الطفل العامل يبلغ عددهم 3 ملايين طفل. هذه الأعداد تخص عمالة الأطفال الدائمة يضاف اليهم ملايين من تلاميذ المدارس الذين يعملون مؤقتا في الأجازات. وهناك إجماع على أن عمالة الأطفال تعد جريمة مخالفة للقانون وللدستور وتشكل خطورة على مستقبل المجتمع وينبغي التحرك الجدي لوقفها بمعالجة أسبابها الرئيسية وفي مقدمتها تحسين مستوى معيشة الأسر الفقير . وهنا يتحسر الأهالي على 4 شركات قطاع عام بالقناطر الخيرية كانت توفر الاف فرص العمل المنتجة لأبناء المنطقة منها أقدم محلج للقطن في الشرق الاوسط وإفريقيا وتحولت الى أطلال بسبب جريمة الخصخصة.
ويطرح الحادث الأليم قضية خطيرة اخرى تتعلق بحوادث الطرق ، فطبقا لتقرير منظمة الصحة العالمى جاءت مصر ضمن أسوأ 10 دول فى العالم من حيث ارتفاع معدلات حوادث الطرق التى تؤدى إلى الوفاة. ويقول اللواء يسرى سراج الدين الروبى، الأكاديمى والخبير الدولى للمرور والإنقاذ والتدخل السريع، إن مصر الأولى عالميا فى حوادث الطرق . وأن أعداد القتلى فى حوادث الطرق بمصر تتراوح بين 25 و27 ألف قتيل، ومن 70 إلى 80 ألف مصاب، والخسائر من 30 إلى 35 مليار جنيه فى السنة.
رحم الله الفتيان الخمسة شهداء لقمة العيش: محمود نجاح جابر شويته وهمام على السحلي ومحمد مسعد كمال ومحمود ناصر حنفي جعفر ويوسف نور حنفي جعفر. ونطالب كل الجهات المعنية بسرعة القصاص من قاتليهم ودفع التعويضات العادلة . وخالص العزاء لأسرهم ولأهالي قريتي الصبر والسلوان.