“إن شريعة القرآن سوف تسود العالم، لأنها توافق العقل وتنسجم مع الحكمة، لقد فهمت وأدركت أن ما تحتاج إليه البشرية هو شريعة سماوية تحقق الحق، وتبدد الباطل، والشريعة الإسلامية بقوانينها هي أرقى نموذج ليسود العدل وائتلاف العقل والحكمة في هذا العالم”. تلك شهادة دونها الأديب الروسي ليف تولستوي( 1928 – 1910 ) أشهر الروائيين في العالم في كتابه القيم (حكم النبي محمد) بكسر الحاء وفتح الكاف الصادر عام 1909 وترجمه الى العربية للمرة الأولى الكاتب الفلسطيني سليم قيعين عقب صدوره بعدة أشهر.
وهي شهادة حق لأنها صادره من مفكر عميق التفكير وفيلسوف ومصلح اجتماعي كما وصفه الدكتور محمود النجيري في عرضه لهذا الكتاب. وهي شهادة صادرة من مفكر جرئ وصفه الناقد الروسي س. سوفورين بأنه أقوى من القيصر نيكولاي الثاني حاكم الامبراطورية الروسية في عصره.
وتعد شهادة رجل تطابقت أفكاره مع سلوكياته وأفعاله فقد ناضل من أجل حقوق الفلاحين الروس وتحريرهم من العبودية . وأنشأ مدرسة لتعليم أبناء قريته وهو في 19 عاما والف كتابا مدرسيا بعنوان ( الأبجدية).
وهي شهادة صادقة من رجل وصفه الامام محمد عبده الذي كان يشغل مفتي الديار المصرية في ذلك الوقت بـ ” الحكيم الجليل ” في رسالة وجهها له 18 ابريل عام 1904 جاء فيها :”ايها الحكيم الجليل مسيو تولستوي .. لم نحظ بمعرفة شخصك ولكننا لم نحرم من التعامل مع روحك ، لقد سطع علينا نور من افكارك واشرقت في آفاقنا شموس من آرائك ، ألفت بين نفوس العقلاء ونفسك ، لقد هداك الله الى معرفة سر الفطرة التي فطر الناس عليها “.
وشهادة رجل وصفه أمير الشعراء أحمد شوقي بالحكمة والشجاعة، ورثاه بعد وفاته في قصيده مطولة بعنوان ( تولستوي) اوضح فيها ان الفقراء يبكونه لانه نصيرهم ، ويبكيه المؤمنون لانه فهم من الدين جوهره. ورثاه أيضا شاعر النيل حافظ ابراهيم بقصيده تناولت جهوده للدفاع عن الضعفاء ومنع الحروب .
واحتوى الكتاب على ترجمة بالروسية لبعض الأحاديث النبوية مع مقدمة دافع فيها عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قائلا : ” أنا من المبهورين بمحمد والمعظمين له، فهو الذي اختاره الله لتكون آخر الرسالات على يديه، ويكون هو كذلك آخر الأنبياء؛ فيكفيه فخرًا أنه خلص أمة همجية دموية من مخالب شيطان العادات الذميمة، وفتح على أمامهم طريق الرقي والتقدم”.
واظهر في كتابه التسامح في الدين الاسلامي قائلا : ” من فضائل الدين الإسلامي أنه أوصى خيرًا بالمسيحيين واليهود، حتى أنه أباح لأتباعه الزواج بالمسيحيات واليهوديات، مع الترخيص لهن بالبقاء على ملتهن، وهذا مما لا يخفى على ذوي الأبصار والعقول النيرة ما فيه من التسامح والتساهل الجلل العظيم”..
رحم الله المفكر العالمي ليف تولستوي الذي توفى 20 نوفمبر 1910 الذي اختلفت الروايات بشأن اسلامه رغم أن هناك شهادات قوية تؤكد أنه مات مسلما وأن القساوسة رفضوا دفنه وفق الطقوس الأرثوذكسية الدينية. وتقول الأديبة الروسية فاليريا بروخافا،التي ترجمت القرآن إلى اللغة الروسية، إن تولستوي أسلم في أواخر حياته ، وأوصى أن يدفن كمسلم، وتستدل على ذلك بعدم وجود إشارة الصليب على شاهد قبره. ويقول الدكتور محمد على التائب أنه أسلم قبيل وفاته ويتضح ذلك من مفرادات روايته ( حاجي مراد ) التي الفها قبيل وفاته بعام واحد وشملت عبارات مثل لا اله الا الله ، السلام عليكم، واسماء عربية مثل مراد واحمد . واضاف التائب ان زوجته اخفت ذلك وأن ابنه ميخائيل عاش اواخر ايامه في المغرب.