«عيد الصحفيين».. حلم يراود نحو 13 ألف صحفي وهبوا حياتهم لخدمة الوطن في بلاط «صاحبة الجلالة»، بعد أن سقط سهواً من ذاكرة الحكومة.
ففي الوقت الذي تحتفل به الدولة المصرية بعيد الشرطة، وعيد القضاة، وعيد المعلم، وعيد العمال، وعيد الفلاح، وعيد الإعلاميين، وغيرها من الأعياد التي تعترف بها الحكومة وتشارك في احتفالاتها، وفي المقابل لا تعترف بعيد الصحفيين، رغم أن الصحفيين هم صناع تلك الأعياد، وأحد أسباب ظهورها للرأي العام الداخلي والخارجي.
إن الإعتراف بـ«عيد الصحفيين» هو اعتراف بالدور الريادي للصحفي في خدمة المجتمع في مجالات «التعليم والتثقيف والترفيه والتنمية».
فالصحفي هو المسئول الأول عن عملية التثقيف العام ونشر الوعي، ودعم مشاريع التنوير وتأهيل المجتمعات.
كما أن الصحفي هو المسئول الوحيد عن تشكيل وتوحيد الرأي العام بالدولة، فضلاً عن تكوين العقل الجمعي للأمة بما يخدم السياسات والأهداف القومية.
كما أن الصحفي هو أحد دعائم البناء والتطوير والإزدهار وتقدم الدول، من خلال التركيز والنشر والترويج للمشروعات القومية التي تتبناها الدولة.
كما يعتبر الصحفي القوى الناعمة والقوية التي تواجه الفساد والجريمة ويكافح الإنحراف بكل أشكاله سواء المادي أو الإداري أو الأخلاقي.
كما أن الصحفي هو المسئول الوحيد عن التنبؤ بالأزمات القومية التي تهدد الأمن القومي للبلاد، وتهيئة الرأي العام لمواجهتها من خلال ما يملكه الصحفي من معلومات ورؤي وأدوات تمكنة من التواصل مع المسئولين والخبراء والمحليين والجماهير وصُناع الرأي العام.
يضاف إلى ذلك وظيفة من أخطر الوظائف التي يقوم بها الصحفي وهي مواجهة الإعلام المعادي، وتحصين الجماهير ضد السموم والشائعات التي يقوم ببثها والتي تهدف إلى هدم الدولة المصرية.
إننا في أشد الحاجة للاعتراف بعيد للصحفيين، يكون يوماً لتكريم كبار رموز الصحفيين الذين أفنوا حياتهم في خدمة الوطن، وتكريم لشباب المهنة المتميزين الذين يتكبدون العناء والشقاء بحثاً عن المعلومة والحقيقة وكشف مشاكل المجتمع ومحاربة الفساد وتقديم الحلول للمسئولين.
وفرصة لتكريم شهداء ومصابي المهنة الذين قدموا أرواحهم ودمائهم فداءً للوطن وشرف الكلمة في ميادين النضال الصحفي.
أما عن أنسب موعد لـ«عيد الصحفيين» فهو ذكرى وفاة الكاتب الصحفي القدير أحمد حلمي جد الشاعر الكبير صلاح جاهين، وصاحب ميدان أحمد حلمي الشهير، والذي يرقد تمثاله بنقابة الصحفيين، ولا تعرف الأجيال الجديدة شيئا عن تاريخه النضالي ضد الإحتلال الإنجليزي، حيث يعتبر «حلمي» الصحفي الوحيد الذي انفرد بتصوير ونشر تفاصيل «حادثة دنشواي»، وشن حملة دولية ضد كتائب اللورد كرومر القاتلة.
وكان من نتائج حملة الراحل أحمد حلمي قيام سلطات الإحتلال والقصر الملكي بالقبض عليه وتقديمه للمحاكمة بتهمة هي الأولى من نوعها في تاريخ القضاء والصحافة المصرية وهي تهمة «العيب في الذات الملكية».
وعلى إثر ذلك تحولت حادثة دنشواى إلى أيقونة الكفاح ضد الإستعمار الإنجليزي بعد أن جذبت مقالات أحمد حلمي العديد من الكتاب والصحفيين الأوربيين وفي مقدمتهم الكاتب الإنجليزي الكبير جورج برنارد شو، الذي شن حملة ضد الإمبراطورية البريطانية أججت ثورة الإنجليز وكان من نتيجتها قيام الحكومة البريطانية بعزل اللورد كرومر.والسؤال الذي يطرح نفسه الآن.. متى يحتفل الصحفيون بعيدهم؟!.