تستفزني الطريقة التي يتناول بها كثير من المتحدثين الان معجزة الاسراء والمعراج ..يرتكبون جريمة كبرى من حيث لا يشعرون والادهى انهم يظنون انهم يحسنون صنعا..
اصل الحكاية او المشكلة تكمن في نقطة الانطلاق نحو معجزة الاسراء والمعراج وكيف نتعامل معها بطريقة صحيحة طريقة تليق بجلال المعجزة وبالمقاصد السامية التي كانت من اجلها..
معظم المتحدثين اسرى اتجاهين احدهما اشد بؤسا وخطرا من الاخر:
الأول: لا يخرج عن دائرة السرد القصصي وان المعجزة كانت لتخفيف الحزن عن الرسول صلى الله عليه وسلم بعدما أصابه في عام الحزن من فقد للاحبة وما تعرض له من اذى شديد من الكفار والمشركين.
الثاني: أصحابه غارقون في مقولات المستشرقين وعتاة الكارهين للاسلام والحانقين عليه من العلمانيين “والمرجفون في المدينة” واللادينيين والمتصهينيين والمتعالمين وجوقة العبث بالعقول ومحترفي التضليل وانصار الضلال المبين..
وهؤلاء هم الأشد خطرا لانهم يروجون للباطل ومقولاته ويجدون ارضا خصبة على وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات الافك والضلال التي تستضيفهم تحت مزاعم عدة ويلبسون الحق بالباطل ويثيرون الشبهات ويدعون انهم أصحاب عقل ومنطق مع انهم يتحاكمون الى الجبت والطاغوت والى أشياء أخرى تسيطر عليهم وتملك عليهم عقولهم لا يتزحزحون عنها قيد انملة..
الخطر الحقيقي الوقوع في فخ نصبه الأعداء والظهور بمظهر من يدافع ويحاول تجلية الحقيقة في حين انه يردد ويروج ويعزز من دائرة انتشار الافك والبهتان حول المعجزة الكبرى التي اختص بها نبيه الخاتم سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم.
الحقيقة ان أعداء الإسلام يريدون هذا الاتجاه ويحرصون على الدفع اليه لانه بمثابة كعبلة حقيقة للفكر ومنع للعقول ان تسير في الاتجاه الصحيح والبحث في المقاصد السامية للرحلة المباركة وما وراءها وفهم الإشارات الكونية التي تحملها للاسلام كرسالة وللمسلمين أصحاب هذا الدين الحنيف..
انهم يريدون صرف الأنظار عن حقيقة ما حدث ومراد الله منه خاصة فيما يتعلق بنقطتين رئيسيتين:
**المسجد الأقصى المبارك ومكانته بين المقدسات الإسلامية ..
**ومحورية الرسالة الخاتمة وان المسلمين هم ورثة الأنبياء جميعا من لدن ادم وحتى عيسى عليه السلام.
لابد من الإشارة الى ان كثيرا من احداث التاريخ الإسلامي لم يتم خدمتها وتأصيلها واستقرائها قراءة صحيحة وتقديم التفاسير للدلالات والمقاصد الإنسانية لها كما يحدث مع كثير من الحوادث والنظريات الأخرى في الفكر الغربي او الشرقي بصفة عامة سواء على المستوى السياسي او الاقتصادي والاجتماعي وغيرها.. ويحاولون فرضها على العالم وبينهم الدول الإسلامية عموما واقناعهم بصوابها وضرورة احترامها وعدم الخروج عليها حد التقديس رغم هشاشتها وتهافتها..
يرى العلماء والمنصفين إن رحلة الإسراء والمعراج مليئة بما يمكن أن يضيء للعقل المسلم مساحات جديدة من الوعي والفهم والتبصُّر.. وكذلك كلُّ حوادث الإسلام المفصلية في تاريخه..
وان تقدير الله عز وجل لأن تكون رحلة الإسراء والمعراج من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى لا يخلو من حكمة عظيمة وإشارة بليغة، فهذا المسار المخطط من قبل الله عز وجل قد ربط بين عقائد التوحيد الكبرى من لدُن إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- إلى محمد خاتم النبيين ﷺ، كما يربط بين الأماكن المقدسة لديانات التوحيد جميعًا..
وكأنما أريد بهذه الرحلة الكبرى إعلان وراثة الرسول الأخير لمقدسات الرسل قبله، واشتمال رسالته على هذه المقدسات، واحتضانها لها، وحمايتها لها، وارتباط هذه الرسالة بتلك الأماكن جميعًا فتصبح هذه الأماكن جزءًا لا يتجزأ من الرسالة الخاتمة ولا يحق لأحد أن ينكر على أصحاب هذه الرسالة اهتمامهم بتلك الأماكن، والمطالبة بحقهم فيها والدفاع عنها ضد أي اعتداء.
كما أنه بحكم ختم النبوة والرسالة فقد بقي أتباع آخر نبي ورسول هم المسئولون عن حمايته وحفظ وظيفته وحرمته وليس هؤلاء سوى المسلمين لا غير بحكم النص الديني والتاريخ والتسلسل النبوي الذي لا نبي فيه بعد سيدنا محمد خاتم الأنبياء والرسل.
لعل هذا ما يفسر لماذا لا يريدون أحدا ان يفهم او يقترب من الفهم لمعاني ومقاصد الاسراء والمعراج والحقائق المرتبطة به سواء ما يتعلق بالشأن الخاص في الحياة الدنيا او في الحياة الاخرة..
يريدون من المسلمين ان يجهلوا حقيقة ما يقتضيه الاسراء والمعراج من دوام تنبيه الامة لما اوكل اليها من مهمة عظيمة كخير امة أخرجت للناس وامة حاملة لاخر رسالات الوحي وارتباط للأرض بالسماء.. وما يقتضي ذلك من العمل الجاد لتبليغ كلمة الله ورسوله..
استوقفني كثيرا مارواه المفسرون حول المقصد الاسمى للاسراء والمعراج وما تشير اليه الايات القرانية: ” لنريه من اياتنا الكبرى”.. قالوا ان المقصد من وراء الإسراء والمعراج: رؤية الآيات والمقصد من وراء رؤية الآيات أن يري الله رسوله من آياته الكبرى توطئة لمرحلة المجابهة القادمة التي ستنشأ مع ولادة الدولة الجديدة في المدينة. فلئن كان النبي ﷺ يعاديه كفار مكة اليوم فإنه تنتظره ﷺ في قابل الأيام عداوات أشرس وأكبر سيعاديه اليهود في المدينة وستنشأ على ضفاف دولة الإيمان مجموعات من المنافقين يظهرون مناصرته ويستبطنون عداوته ويعملون في الخفاء على التخلص منه ومن دينه ثم سيعاديه الفرس والروم.!
الاسراء والمعراج من النقاط المفصلية والجوهرية في حركة الإسلام وديمومته الى يوم الدين ومن الخطأ ان نتوقف عند أوهام واراجيف الموتورين والحمقى والمغفلين ونحصر القضية في هل كان بالروح ام بالجسد؟ وهل فعلا يمكن تصديقه ام لا؟؟
وللحديث عن انوار واشراقات الاسراء والمعراج بقية..
والله المستعان..
megahedkh@hotmail.com