دائمًا لا يظهر معدن الرجال إلا وقت الشدة، وكذلك لا يظهر المخلصون لبلدهم والمحبون لترابه وشعبه إلا وقت الأزمة، ولا يقف بجانب دولته وقت الكارثة إلا الرجال الوطنيون والأوفياء الذين تجري في عروقهم الأصالة وتمتلئ قلوبهم بحب وطنهم ويتحينون الفرصة لرد جزء ولو ضئيلًا من جميل وخير بلدهم عليهم بالوقوف في ظهره والشد من أزره وقت المحنة وهؤلاء الرجال كثيرون في مصر، ويضحون من أجلها بالكثير وأغلبهم لا يعلنون؛ لأنهم ليس من محبي الظهور والتباهي بما قدموه لأنهم يعتبرون ذلك واجبًا أصيلًا وحق وطنهم عليهم.
ومن هؤلاء الرجال المخلصين الذين يقفون الآن بجانب مصر وأولادها في محنة أزمة فيروس كورونا – وذلك علي سبيل المثال وليس الحصر – رجل الأعمال ياسين منصور الذي خصص إحدى منشآته السياحية لتستخدمها وزارة الصحة مكانًا للعزل، وأيضًا لم يفصل عاملا وأعطى لهم إجازات مدفوعة الأجر، وأيضًا رجال جمعية الأورمان – برئاسة اللواء ممدوح شعبان – الذين يقدمون دعمًا غذائيًا وماديًا للقرى المعزولة، ومنها قرية المعتمدية، والقرى الأكثر احتياجًا، وأيضًا مجموعة بيت الخبرة برئاسة المهندس خالد عبدالله التي قامت – بالتنسيق مع صندوق تحيا مصر – بتوزيع 21 طنًا من المواد الغذائية و55 طنًا من الفواكه على القرى والأسر الأكثر احتياجًا والمستشفيات ودور الأيتام والمسنين ومؤسسات الرعاية الاجتماعية وجمعية الهلال الأحمر، وتوزيع 2500 كرتونة من المواد الغذائية تم تخصيص ألف كرتونة منها بقرية المعتمدية؛ بالإضافة إلى توزيع 1000 طقم ملابس لعدد 647 أسرة من الأولى بالرعاية والحاضنة للأيتام وصرف مساعدات مالية لعدد 7545 من الأسر ذات العمالة غير المنتظمة، وتخصيص مبلغ 14 مليون جنيه دعمًا لنحو 8 آلاف أسرة بجميع محافظات الجمهورية يتم صرفها على مدار شهري أبريل ومايو؛ لمعاونة تلك الأسر على مواجهة الأزمة، وهؤلاء الرجال منهم الكثيرون الذين تجدهم وقت الشدة جنودًا مجهولة خلف بلدهم.
وللأسف هناك على الجانب الآخر رجال – وهم ليسوا برجال بل أشباه رجال – نشأوا على تراب مصر وأكلوا وشربوا من خيرها، وفتحت لهم مصر أبواب العمل والاستثمار وربحوا الملايين واكتنزوا المليارات من الجنيهات، وعندما جاء وقت رد الجميل لبلدهم في شدتها تنكروا له وتناسوا فضله عليهم وتركوه يـصارع الأزمات وحده وبخلوا عليه ولم يمدوا يد العون له ولم يساعدوه من ثرواتهم.
وأشباه الرجال هؤلاء هم قلة وقد وصفهم الناس بأهل الخسة وسوف يتذكرهم التاريخ دائمًا بمواقفهم المخزية تجاه مصر، وهؤلاء الأشباه منهم من لم يتبرع بأي مليم للدولة، ومنهم من لم يقدم أي مساعدات مالية أو عينية للمتضررين من أزمة كورونا، وقرارات الحظر وهم العمالة غير المنتظمة، وهناك من قام بفصل معظم العمالة لديه بسبب كساد الموسم السياحي وغيرها من المواقف المخزية، والتي تعبر عن جحود هؤلاء الأشباه والتخلي عن بلدهم وقت المحنة.
وبارك الله في رجال مصر المخلصين وأن يخسف بالناكرين الجاحدين.
mahmoud.diab@egyptpress.org