يوم الأحد الماضى ( 3 يوليو 2022 ) شهدت العاصمة الدنماركية كوبنهاجن جريمة مروعة، حيث أطلق شاب النار على المواطنين فى مركز ” فيلدز” للتسوق، الذى يعد واحدا من أكبر المولات التجارية بالمدينة، مما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة أربعة آخرين بجروح خطيرة، وجاء فى البيان المقتضب الذى نشرته الشرطة عقب الحادث أنه تم القبض على الجانى ـ 22 عاما ـ ووجهت له 3 اتهامات بالقتل و7 محاولات قتل، ثم اختتم البيان بالجملة التالية : ” ولكن لا توجد مؤشرات على أن إطلاق النار كان عملا إرهابيا ” !!
وفى البيانات التالية للشرطة حول الجريمة لم تعط أية تفاصيل حول المتهم، فلم تذكر اسمه، ولا ديانته، بل إن كبير مفتشى الشرطة كان حريصا على أن يشير إلى المتهم بـ ” المشتبه به “، ورفض أي حديث عن الدوافع المحتملة لارتكابه الجريمة، وما إذا كان معروفا للشرطة فى جرائم سابقة، مكتفيا بالقول إنه ” لا يوجد ما يشير إلى وجود شركاء له فى الواقعة، ولا توجد مؤشرات على أنه كان عملا إرهابيا ” .
ومن الطبيعى أن يعيدنا مثل هذا التصريح إلى التفكير فى التعريف الذى تتبناه الشرطة الدنماركية وشقيقاتها فى الغرب للإرهاب، ومتى يكون العمل ” إرهابيا ” من وجهة نظرهم، خصوصا أن الشهود أثبتوا فى التحقيقات الأولية أن المتهم كان يركز فى إطلاق النار على تجمعات الناس، وليس ” صوب السقف أو الأرض ” .
وقد جاء هذا الهجوم بعد أسبوع من وقوع حادث إطلاق نار ممائل نفذه أحد المهاجمين فى أوسلو، عاصمة النرويج المجاورة للدنمارك، أودى بحياة شخصين، لكنه أيضا لم يصنف على أنه عمل إرهابى، ولم يعرف أحد شيئا عن الجانى أو دوافعه أو ديانته .
وفى أمريكا، على الجانب الآخر للأطلسى، لايختلف الأمر كثيرا، فقد وقعت مؤخرا عدة جرائم قتل جماعية، هزت المجتمع من بشاعتها، وأثارت جدلا واسعا حول حرية اقتناء الأفراد للسلاح، لكن أحدا لم يجرؤ على تصنيفها ” أعمال إرهابية “، رغم توافر كل مواصفات الإرهاب فيها، غير أن الجانى ليس مسلما، ولا ينتمى لأصول عربية أو إفريقية أو ما شابه ذلك.
ففى يوم الاثنين الماضى ( 4 يوليو 2022 ) أطلق الشاب الأمريكى روبرت كريمو ـ 21 عاما ـ النار على موكب المحتفلين بعيد الاستقلال فى ضاحية هايلاند بارك بمدينة شيكاغو بولاية إلينوى، مما أسفر عن مقتل 7 أشخاص وإصابة 24 آخرين على الأقل، ووجهت الشرطة له 7 اتهامات بالقتل، واحدة لكل من الأشخاص السبعة الذين قتلوا، وقالت إنها جمعت 38 طلقة فارغة وخزانات ذخيرة من موقع الحدث، وأن الجانى كان يخطط لتنفيذ إطلاق نار آخر فى احتفال مشابه بولاية وسكنسن فى نفس اليوم ، وتم توصيف الجريمة على أنها ” هجوم متعمد ومحسوب “، ونأى الجميع عن الإشارة إلى أنها ” عمل إرهابى “، أو أن الجانى إرهابى، رغم أنهم عثروا فى بيت أسرته على 5 بنادق وكمية من الذخائر والسكاكين والخناجر والسيوف .
وفى يوم الثلاثاء 14 يونية الماضى تعرضت مجموعة من رجال الشرطة فى مدينة ” إل مونتى ” جنوب كاليفورنيا لإطلاق نار عليهم من جانب مسلح، كان قد حاول طعن أحدهم فى فندق ” سيستا إن “، وأسفر الحادث عن مقتل شرطيين إلى جانب المتهم الذى لم ينشر شيء عن هويته .
وفى شهر مايو الماضى شهدت الولايات المتحدة مذبحتين داميتين، اهتزت لهما كافة الأوساط السياسية والقضائية والتشريعية، وأثير بسببهما لغط واسع حول الحق الدستورى الذى يسمح للأفراد بامتلاك السلاح، إحدى المذبحتين وقعت فى ولاية تكساس، حيث اقتحم مسلح يحمل بندقية إحدى المدارس فى منطقة بوفالدى، وفتح النار على التلاميذ فقتل 19 طفلا واثنين من المعلمين، والمذبحة الأخرى وقعت فى ولاية نيويورك، فقد أطلق شخص مسلح يرتدى درعا واقية الرصاص من بندقية آلية على ” سوبر ماركت ” بمدينة بوفالو، فقتل عشرة أشخاص بينهم ضابط متقاعد، وأصاب ثلاثة آخرين بإصابات بالغة، وقد وصفت الشرطة الحادث بأنه ” شبيه بفيلم رعب “، وقالت إنه تم اعتقال المتهم الذى يبلغ من العمر 18 عاما، لكنها ـ كالعادة ـ لم تذكر شيئا عن ديانته ودوافعه .