مع كل اطلالة للمواسم الدينية تسطع دائما وبقوة شمس الايمان وتشرق في سماء النفوس انوار وتسري في سراديب الحياة قوى عجيبة قادرة على إنقاذ الإنسان من دوامات اللامعقول في دنيا البشر وتأخذ بيديه إلى طريق الانوار وتضعه على بوابات فيض الخيرات وعبور العثرات للوصول إلى واحة الحب والجمال..
المتأمل للمشهد من كل زواياه تصيبه الدهشة من قوى الدفع الإرادي واللاإرادي نحو تهذيب النفوس والسعي نحو فعل الخيرات والتفكير في الآخر والاحساس بمن يواجهون مصاعب ومن يجدون ألما ومن يضنيهم البحث أملا ومن لا يسألون الناس إلحافا..
أنها لحظة صدق تتلبس حالة تدين صادق في حالة يزينها السمو الروحي والارتقاء الأخلاقي يتمنى الجميع أن تدوم ..
ومضات التدين الصادق وسط الظلمات المعتمة تمنح الباحثين عن أمل فرصا ذهبية وتؤكد أن بالإمكان تحقيق ما هو أفضل مما هو كائن وهذا لن يكون إلا بعملية اصلاح حقيقية لما أصاب التدين في العقود الأخيرة من أمراض وعلل صرفته عن كثير من أهدافه هتكت استاره ونزعت عنه هيباته وأصبح شكليا منزوع الروح والدسم ..
أنها فرصة حقيقية لإعادة الاعتبار التدين ليسير في ركب الدين ولا يكون منفصلا عنه ليقطع الطريق المغرضين والمتربصين ومن يتخذون من التدين الشكلي أو المزيف أو ايا كان اسمه قاعدة ومتكأ للهجوم على الدين نفسه وتشويهه..ومن ثم العبث بالعقول والنفاذ إلى اغراض خبيثة هدفها إقصاء الدين بعيدا عن حياة البشر وإفساح المجال لما يسمونه الحرية المطلقة وهي كما تعلمون مفسدة مطلقة.. لعل أبرز مظاهرها دعوات الانحلال والتحلل من اي قيم أو الالتزام باي قواعد عرفية فضلا عن الدينية .. حياة غارقة في البوهيمية والفوضى بكل أشكالها.
السؤال الجوهري .. كيف الطريق إلى إصلاح التدين؟!
الجواب ببساطة لا سبيل لذلك الا بالوعي الحقيقي وبأن يتاح للمرء ثقافة دينية وتربوية صحيحة من مصادر مأمونة وغير ملوثة او مريضة يغلب عليها الهوى تتعامل مع الدين بالقطعة ووقت الحاجة..تهمله وقت الرخاء وتلح عليه وقت الشدة.
فوق كل ذلك وقبله اغلاق المنافذ التى تفسد على الناس تدينها وتتخذ من تشويه المتدينين بابا ومدخلا للطعن على الدين نفسه وإضعاف تأثيره في النفوس..
آن الأوان لتقديم نماذج صادقة لشخصيات وافكار تعكس وتحمل التدين الحقيقي وكفانا تلك النماذج الرديئة والمنفرة التى يلح المغرضون على تصديرها للناس صباح مساء عندما يأتى ذكر التدين والمتدينين لقد نجحوا في ذلك خلال فترة الشيطنة لكل ما له صلة بالدين والمتدينين العاطل منهم والباطل وهو ما أضر كثيرا بالمجتمعات وأحدث خلخلة واضطرابات في الأفكار ولا شك كان له تأثيره المدمر على قضايا الولاء والانتماء وهو ما ينسحب على أمور أخرى في المجتمع وثيقة الصلة باستقراره وتقدمه وسلامه الاجتماعي.
الطريق الى التدين الصحيح مسئولية مشتركة لكل مؤسسات التنشئة وليس المؤسسة الدينية فقط كما قد يتوهم البعض أو يتسارع إلى الأذهان وحتى تتضافر الجهود نحو البناء والإصلاح لابد أن يعمل الجميع على خط واحد وعلى قلب رجل واحد لا أن يكونوا شركاء متشاكسون يهدم أحدهم ما يبنيه الآخر سواء بوعي أو دون قصد وتلك مصيبة اكبر..
ضبط التدين كفيل بضبط مسيرة الحياة والخلاص من الشيزوفيرينيا القاتلة وان تتطابق الاقوال والافعال.ووأد أمراض النفوس والأخلاق بما يحقق الاستقامة والالتزام الطوعي دون اللجوء لقوة قانون أو سيف سلطان فلاغش ولاخداع ولا رشوة ولاظلم للبشر ولا اكل للحقوق وأموال الناس بالباطل ولا استحلال للحرام ولا عدوان على المال العام وماشابه ..
ضبط التدين صلاح واصلاح للفرد والمجتمع ونجاة في الدنيا والآخرة..
والله المستعان..
megahedkh@hotmail.com