فازت د.ليلى عبد المجيد العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة بجائزة التميز في العلوم الاجتماعية، وهو فوز مستحق عن جدارة أشهد بها؛ ذلك أن د.ليلى عبدالمجيد كانت دوماً متفوقة منذ كانت طالبة بالكلية دفعة 1976، وهى الدفعة التي شرفت بالانتماء إليها طالبًا ، وقد ضمت نحو 78 طالبًا أضحى بعضهم مشاهير تقلدوا مناصب مرموقة، أذكر منهم الكاتب الصحفي عبدالله السناوى، والإعلامى عماد الدين أديب، وحمدين صباحي المرشح الرئاسي الأسبق، ود.نجوى كامل وكيلة كلية الإعلام الأسبق وزميلي الراحل صفوت أبو طالب رحمه الله، وغيرهم ..وكانت دفعتنا محظوظة؛ إذ تلقت العلم على يد علماء ورواد أكفاء، يتصدرهم المهندس الحقيقي للصحافة جلال الدين الحمامصي الذي علمنا قبل فنون العمل الصحفي مبادئ المهنة السامية، وكانت له تجربته الرائعة المتميزة ودوره المقدر فى تطوير الدراسات الصحفية والإعلامية فى مصر كأحد المؤسسين لمعهد الإعلام بجامعة القاهرة فى السبعينيات الذى أصبح كلية الاعلام فيما بعد ، وما زالت مؤلفاته الثلاثة: ” المندوب الصحفى”، و”من الخبر إلى الموضوع الصحفى”، و”الصحيفة المثالية” – رغم مرور أكثر من 40 عام على إصدارها- من أساسيات المراجع الصحفية.. كما كنا ندرس أيضًا العلوم السياسية والاجتماعية والقانونية وعلوم الرياضة والإحصاء.
الحمامصي كان خلال عهود عبد الناصر والسادات ومبارك نموذجا للكاتب الحر المدافع عن العدل والحرية، والمتمسك بوجهة نظره حتى لو اصطدمت مع الاخرين أو مع السلطة، وقام بتدريس الصحافة وفنونها فى الجامعة الأمريكية، ثم جامعة القاهرة. وكان رحمه الله يعتز كثيرا بتجربته كأستاذ في كلية الإعلام، وإشرافه على جريدة “صوت الجامعة” التى تدرب وتخرج فيها على يديه عشرات من القيادات الإعلامية والصحفية البارزة وأنا منهم، حيث أمضى أكثر من خمسين عامًا فى العديد من المؤسسات الصحفية، بدءًا من دار الهلال وكوكب الشرق ورأس تحرير جريدة الزمان، وأخبار اليوم، والأخبار، وأسس وكالة أنباء الشرق الأوسط، وشارك في تأسيس “الجمهورية” مع أنور السادات، كما أنشأ أول مركز للدراسات الصحفية بمؤسسة الأهرام، وكان أول من وضع ماكيتات في الصحف المصرية، وكان رحمه الله رائدًا للمدرسة الحديثة في الإخراج الصحفي.. وسيظل عموده “دخان في الهواء” في جريدة الأخبار مدرسة في الكتابة والخبر والتحقيق والتحليل العميق.
أما د.ليلى عبد المجيد فكانت أولي دفعتها من أول سنة دراسية حتى جرى تعيينها معيدة بالكلية، وتدرجت في المناصب الأكاديمية حتى صارت عميدة إعلام القاهرة، وهى ثالث سيدة تشغل هذا المنصب المرموق، بعد جيهان رشتي وماجي الحلواني، كما أنها صاحبة تاريخ علمي ثري قدمت خلاله مؤلفات وبحوثًا علمية رصينة تجعلها واحدة من رواد الصحافة والإعلام في مصر والعالم العربي.. وأشهد أننى أثناء رئاستى لمجلس إدارة مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر (الجمهورية) طلبت منها تقديم دراسة لتطوير إصدارات الدار كافة؛ فبادرت على رأس فريق علمي بتقديم حلول علمية مدروسة أسهمت في زيادة توزيع وانتشار تلك الإصدارات وفق رؤية علمية ونظرة واقعية امتزجت فيها الخبرة الحياتية بالمعرفة الأكاديمية، كما نجحت بالفعل في تطوير الدراسات العليا بالكلية، والعمل على ربطها بالمجتمع بشكل أكبر.
نتمنى أن تتعلم الأجيال الجديدة سواء في مدرجات الجامعة أو بلاط صاحبة الجلالة من سيرة ومسيرة نماذج ناجحة وقامات مشهود لها بالكفاءة والتميز كالدكتورة ليلى عبد المجيد التي تستحق ما هو أكثر من جائزة التميز في العلوم الاجتماعية، نموذجًا للمرأة المبدعة المتميزة؛ فهى تحب نجاح الآخرين وتسعى إلى تكريمهم دوماً لحثهم وتشجيعهم على مزيد من الإبداع والعطاء، فعلت ذلك مع أوائل الكلية، كما فعلته مع من يحتلون مناصب مرموقة خارج أسوار الجامعة من خريجى كلية الإعلام.. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على التجرد والإخلاص للعلم والعطاء والنجاح كقيمة ينبغي الاحتفاء بأصحابها أينما كانوا.. مبروك لابنة دفعتي جائزة التميز.