الحياة فصل من كتاب غامض، تبدأ صفحاته بنبض الفرح، وتمر بحزن يصقل الأرواح ويعيد تشكيلها، لتشرق من جديد بقوة لا تقهر.
صفحاتها متداخلة كنسيج متشابك، لا تعرف نهاية واحدة، حيث يتراقص الفرح والحزن في رقصة أبدية، تنسج خيوطها من أمل يخبو وألم يزهر.
كل صفحة تخطها الأيام تنقشها القلوب بمداد الدموع ووهج الابتسامات، وبين السطور يسكن ألم صامت وابتسامة نابضة، تلك الابتسامة التي تنبثق من رحم الألم، كأنها توقيع الروح على انتصارها، رغم الجراح التي لم تلتئم بعد.
حينما يجتمع البكاء بالضحك، تتجلى الإنسانية في أسمى معانيها.
إنها تلك اللحظة التي يصارع فيها القلب أحزانه، ويطلق ضحكة ليست عابرة، بل شهادة على قوة الروح.
إنها رسالة للعالم:
"أنا هنا - أقوى من كل شيء"
الألم ليس نهاية، بل معلم صامت يعيد تشكيلنا، كالنار التي تنقي الذهب.
إنها القوة التي تنبع من أعماق نفوسنا، لتخلق شيئا جديدا ينبت في داخلنا أجنحة تجعلنا نحلق فوق ما كان يثقلنا.
توقف وتأمل في هذه المفارقة:
الم تضحك يوما وسط دموعك؟ كأنك تعلن تحديك للحياة، وتثبت لها أنك سيد قدرك، رغم أنف الأحزان.
عندما تبتسم في وجه الألم، فأنت تضيء ظلام الطريق، وتهمس لنفسك أن الفجر ليس ببعيد، وأن النور سيشرق رغم العواصف.
حين يبتسم الألم، يكون كلوحة غامضة خطتها يد القدر، لا يفهم سرها إلا من عاش تفاصيلها.
إنها لوحة تخبرنا أن العظمة ليست في الفرار من الألم، بل في احتوائه، في جعله جزءا من قصة عنوانها:
"أنا قوي، وأنا مستمر."
في هذه الحياة، حيث يركض الجميع وراء سراب السعادة المطلقة، نغفل عن حقيقة أن الجمال الحقيقي ينبثق من التناقضات.
كما يخلق اللؤلؤ من جراح المحار، تولد أعظم لحظاتنا من فلب أحزاننا.
الحياة بكل قسوتها وسحرها الغامض، تعلمنا أن الكمال ليس في غياب الألم، بل في قدرتنا على تحويله إلى نور يشع من داخلنا.
عندما نحتضن ألمنا ونبتسم، نصبح أقوى، نصبح أعظم، ونكتب بأيدينا فصلا جديدا في كتاب الحياة.
@إشارة