إن الاهتمام بحماية البيئة جاء نظرا للتطور الصناعى والتكنولوجي؛ الذى خلق مشكلات بيئية متعددة أثرت على الإنسان والكائنات الحية عن طريق الاستغلال غير العقلانى للثروات الطبيعية دون مراعاة حقوق الأجيال اللاحقة. وعليه، ظهرت الحوكمة البيئية للحماية من كل الانتهاكات البيئية؛ بالاستغلال الرشيد والمستدام للموارد، مساهمة فى تحقيق التنمية المستدامة من خلال وضع استراتيجيات وسياسات بيئية فعالة، ومؤسسات ذات كفاءة، وتشريعات بيئية، تستدعى وجود إدارة بيئية رشيدة مع مساهمة جميع الفواعل والتوجه إلى الاقتصاد الأخضر لتحقيق التنمية المستدامة والأمن البيئي. إن التحول من الإدارة البيئية إلى الحوكمة البيئية فهناك مشكلتان أساسيتان ومهمة ترتبطان بالنظام الإيكولوجى، هما: التلوث، واستنزاف الموارد الطبيعية اللذين نجم عنهما العديد من الآثار السلبية على البيئة، منها الاحتباس الحرارى، وثقب الأوزون، وعدة قضايا بيئية أخرى أدت إلى تدهور النظام البيئى، فضلًا عن أن التغيرات المناخية الناتجة عن الاحتباس الحرارى تؤثر على حياة الإنسان وقدرته على الاستمرار فى الحياة، حيث إن تغير المناخ يؤثر سلبًا على الأبعاد الأربعة للأمن الغذائى (توافر الغذاء، وقدرة الوصول إليه، وقدرة استخدامه، واستقراره). من هنا، ظهرت الحاجة الماسة لإيجاد حلول أكثر صرامة لحماية البيئة، والحفاظ على الموارد الطبيعية، والبحث عن بدائل للإدارة البيئية التقليدية للنظم الإيكولوجية بما يحقق التنمية المستدامة التى تحقق الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية لتلبية احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها، لذا ظهر مصطلح الحوكمة البيئية وأهمية التحول من الإدارة البيئية إلى الحوكمة البيئية كسبيل لتحقيق التنمية المستدامة حفاظًا على الموارد الطبيعية، ومن هنا يمكن للحوكمة البيئية أن تعرف بأنها: «مجموعة من الإجراءات والآليات التنظيمية، لترشيد تعامل الإنسان مع بيئته فى كافة الاستعمالات ومختلف الأنشطة، فهى عبارة عن كل مترابط بين مجموعة من الفواعل الرسمية وغير الرسمية. إن أوجه القصور في أنظمة الحوكمة البيئية العالمية والإقليمية والوطنية والمحلية تؤدي إلى تفاقم “الأزمة الكوكبية الثلاثية” المتمثلة في فقدان التنوع البيولوجي والتدهور البيئي والتلوث وتغير المناخ. ومع ذلك، فإن المبادرات الحالية والاستراتيجيات الجديدة للحوكمة البيئية توفر الأمل. وتركز الحوكمة البيئية على التنمية المستدامة، فى إيجاد حلول ممكنة للمشكلات الناجمة عن التصنيع والنمو السكاني. التنمية المستدامة هي التنمية التي تلبي احتياجات الأجيال الحالية دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها الخاصة، فلقد أصبحت التنمية المستدامة هي المبدأ المنظم لتحقيق أهداف التنمية البشرية، وفي الوقت نفسه للحفاظ على قدرة النظم الطبيعية على توفير الموارد الطبيعية وخدمات النظم الإيكولوجية التي يعتمد عليها الإقتصاد والمجتمع. وبالنسبة لمقومات الحوكمة البيئية التي تقوم أساسا على مبادئ جديدة للتنظيم العام تتمثل في مساهمة كل الأطراف ذات طبيعة مختلفة في تسيير الشؤون العامة، عن طريق أنظمة مشاركة وتفاوض فهي آلية للوصول إلى مشاريع مشتركة تترجم بوضع قواعد ومعايير بيئية تبين شروط إدراج فكرة المصالح العامة بمفهومها الواسع بإشراك المواطنين المعنيين في اتخاذ قرارات بيئية الأن حرمانهم من ذلك يعني أنهم أصبحوا ضحايا للبيئة في كل الأحوال، ومن خلال هذا المنظور أصبح من الضروري ضمان التنسيق بين الوظائف التالية: – وضع أسس علمية لكل نشاط أو عمل، – تبادل المعلومات حول النشاطات ومواجهة النتائج المترتبة عنها، – إعداد سياسة بيئية تأخذ في الإعتبار تأثير النشاطات الإقتصادية على مجمل السياسة الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، – ترجمة السياسات البيئية في قواعد قانونية وتكليف المؤسسات لتنفيذها على أرض الواقع؛ – رقابة نتائج السياسات البيئية بواسطة مؤسسات مكيفة لهذا الغرض، – ربط كل الإجراءات أوالتدابير التي تهدف إلى حماية البيئة بمختلف المؤسسات وإدراجها في سياق عام للمجتمع، – رقابة حسن تنفيذ السياسات البيئية وحسن سير المؤسسات التنفيذية. وفيما يلى المبادئ التي تقوم عليها الحوكمة البيئية، للحوكمة البيئية ثلاث مبادئ رئيسية وهامة تقوم عليها وهي:
1.التنمية المستدامة ترافق ظهور مفهوم الحوكمة مع تطور مفهوم التنمية، انطالقا من الإهتمام بالقضايا الإقتصادية إلى التنمية البشرية فالتنمية المستدامة، وتكشف العلاقة بين التنمية المستدامة والحوكمة البيئية على ما يلي: – أن السياسات البيئية يجب أن تعكس المحافظة على تنمية الحاجات المجتمعية مع أخذ بعين الإعتبار التنوع الثقافي،العدالة بين الأجيال تمكين التنوع الإجتماعي. – تنظيم الوصول إلى الموارد الطبيعية واستخدامها من خلال تبني نظام للتنمية المستدامة يفعل آليات الحد من الإستخدام المفرط للموارد غير المتجددة وتدهورها. – يجب أن تضمن الرشادة البيئية أن يكون البشر محور التنمية المستدامة، وأن تتم إدارة هذه بشكل يمكن لحياة صحية ومنتجة فيظل انسجام كامل مع البيئة.
2. العدالة البيئية وينظر إلى العدالة البيئية على أنها وسيلة للإهتمام بالتبعات الإجتماعية للمشاكل البيئية، ناهيك عن وجود عالقة تأثير بين البيئة النظيفة والصحة العامة، والدولة مسؤولة على حماية الموارد الطبيعية بطريقة تستجيب لاحتياجات الأفراد الأكثر عرضة للضرر، وتمكين هؤلاء من الإستفادة بمنافع هذه الموارد الصحية والبيئية ، كما تعبر العدالة البيئة عن حق الإنسان في بيئة سليمة بغض النظر عن عرقه أو جنسه، عن طريق المساواة بين الجميع في وضع القرارات البيئة والإستفادة من الموارد والخدمات البيئية، ومكافحة كل أشكال الفقر والتهميش للوصول إلى الحد الأدنى من الموارد.
. 3 مبدأ الحيطة والذي يعني منع الأضرار البيئية التي قد تنجم عن حادثة بيئية معينة وذلك قبل وقوعها، ويعتبر هذا المبدأ وسيلة حديثة لحماية البيئة.
ولتعزيز العدالة والحوكمة البيئية والاستدامة، حيث اعتمد المجتمع الدولي في قمة الأرض بالبرازيل عام 1992 مصطلح التنمية المستدامة بمعنى تلبية احتياجات الجيل الحالي دون إهدار حقوق الأجيال القادمة في الحياة في مستوى الا يقل عن المستوى الذي نعيش فيه .هذا وقد حدد المجتمع الدولي مكونات التنمية المستدامة على أنها :نمو اقتصادي، وتنمية اجتماعية، وحماية البيئة ومصادر الثروة الطبيعية بها. وهذا يعني أن تكون هناك نظرة شاملة عند إعداد استراتيجيات التنمية المستدامة، حيث تقوم الأبعاد الثلاثة بمراعاة التنمية المستدامة بدقة. ويُسهّل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مشاركة أصحاب المصلحة في عمليات السياسات الدولية، ويضمن توافق الأهداف البيئية مع أهداف التنمية المستدامة والإطار العالمي للتنوع البيولوجي. كما يدعم البرنامج الإصلاحات القانونية لتعزيز السياسات البيئية
بقلم: ا.د/ عاطف محمد كامل أحمد-سفير النوايا الحسنة- مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس استاذ ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان – عضو اللجنة العلمية والإدارية لإتفاقية سايتس- وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير البيئة والتغيرات المناخية بوزارة البيئة- المستشار العلمى لحديقة الحيوان بالجيزة-الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية ورئيس لجنة البيئة بالرابطة المغربية المصرية للصداقة بين شعوب العالم