على الرغم من صغر حجم قرص الاسبرين، إلا أن منافعه لدينا -نحن الكبار- كأنها تلال وجبال !!
كان الاسبرين متداولا في كل مكان علاجا سريعا ورخيصا اعتمده المصريون في حالات الصداع والمغص والزكام ..
الآن تعددت الأدوية وارتفعت أسعارها ليثور السؤال ” أين قرص الاسبرين الآن؟ وهل تاه في الزحام؟”
من الظواهر التى تلفت النظر عند الحديث عن مكانة الصيدلى فى منظومة العلاج.. علاقة الصداقة والثقة التى تربط صيادلة الصيدليات الخاصة بالزبائن المتعاملين معها بانتظام.. علاقة ود وثقة تمتد إلى زبائن الطوارئ إن صح التعبير.. ما اعنيه يتجسد فى استقبال الصيدلى المناوب داخل الصيدلية لزبائن من مختلف الأعمار (معظمهم من البسطاء) يعانون من ألم طارئ.. صداع.. ارتفاع فى الحرارة.. نوبة برد.. غثيان.. يستسهل الحضور للصيدلية.. ليشكى الألم للصيدلى ويطلب منه علاجاً سريعاً للآلام.
فى الواقع النتيجة هنا إيجابية.. تمتزج فيها الشهامة بالإنسانية.. إذ يبادر الصيدلى بتقديم العلاج.. وهو غالباً بسعر فى متناول المريض الذى يحصل عليه شاكراً.. وبمرور الوقت أصبح الباب مفتوحاً لمزيد من المهام العلاجية.. حكاية ألم يفصح عنها المريض للصيدلي.. يدور حوار حول الأعراض والتاريخ المرضى للزبون قد يعقب ذلك روشتة ممزوجة بالخبرة والود وصلة الجار.. يحملها المريض شاكراً راضياً بأنه حصل على علاج موثوق به.. مجاناً نظير ثمن الدواء فقط يوفر عليه تكاليف الكشف والتحاليل والأشعات التى يتعرض لها عندما يتعامل مع أطباء العيادات.
اعتقد أن الأمور قد أصبحت عادة شعبية.. متداولة فى أوساط العمل واللقاءات العائلية ومع الجيران وزملاء المقهي.. الخ.. عندما تبدأ سيرة المرض يتطوع أصحاب الخبرة فى وصف ما يعتقدون أنه العلاج المفيد وقد يمتد إلى وصفات من عند العطار.. مضمونة المفعول.. وحدث ولا حرج.. لأن الأرزاق مضمونة ومقدرة من السماء.
بالنسبة للصيدليات أصبح لدينا تقليداً واضحاً يمتد عمره إلى العديد من السنوات.. وأعنى به استخدام المصريين المتزايد للمسكنات.. يتصدرها سوق الاسبرين رخيص الثمن.. الذى كنا نعثر عليه أيضا فى محال البقالة والخردوات.. الطلب على الاسبرين فى الصيدلية أصبح قاعدة يعمل حسابها فى التسويق وتوفير المنتجات.. التى استقرت فى 3 أنواع فيما أذكر.. تباع بشريط مغلف (10 أقراص) فقط نظير قليل من النقود (مجرد قروش) يتداول ببساطة ويسر.. دون مضايقات.. ولكنه تراجع كثيراً بعد غزو المسكنات المستوردة والمحلية.. التى تنوعت فى التخصص من البرد والسعال وحتى الروماتيزم.. ظل قرص الاسبرين الصغير للأطفال مميزاً بأنه يستخدم لبعض حالات مرضى القلب بنجاح.
الآن تراجع الاسبرين ليرتفع سعر الشريط عند كتابة هذه السطور إلى 7 جنيهات بسبب الاتجاه المتزايد لاستخدام المسكنات المتخصصة إن صح التعبير.. مع تراجع محتمل فى الرقابة على صلاحية كاملة لقرص الاسبرين القديم.. بالإضافة إلى تأثير المتغيرات المناخية.. والتغذية والأنشطة المحفزة للمصريين وأدت لتراجع فى المناعة الطبيعية يعانى منه الكثيرون.
الاسبرين يقاوم.. وينتظر فى أدراج وأرفف الصيدليات الزبائن المحتملين.. ومع ناس زمان وأنا منهم الذين يحملون كل الود وشهادة صلاحية لمعجزات حققها قرص الاسبرين.. لكن إلى متي.. وهل يستطيع قرص الاسبرين الصغير خوض معركة المصير بنجاح مأمول.. ربما يتحدد هذا الأمر لو استمع الاسبرين إلى ندائنا اليوم.. واجاب عن السؤال.. «فين أيامك يا اسبرين».. مع تمنياتنا بالصحة والعافية للجميع.