من السخف أن يطالب البعض أهل غزة بمزيد من الصمود والتضحية فقد تحمل هذا الشعب على مدى 20 شهرا ما لم يتحمله شعب عبر التاريخ من حرب إبادة شاملة استخدمت فيها كل الأسلحة الفتاكة، وقتل خلالها أكثر 60 ألف فلسطينى وأصيب أكثر من 150 ألفا معظمهم من الأطفال والنساء والشيخ.. هؤلاء لا حول لهم ولا قوة ولم يكن أحد منهم سببا فى هذه الحرب الظالمة.
من السخف أيضا أن يتباهى البعض بصبر وصمود أهل غزة ومعاناتهم اليومية ويعتبر ذلك شرفا للأمة كلها.. بينما معظم أبناء هذه الأمة- إسلامية وعربية- يعيشون فى لهو وعبث، ويشاهدون ما يتعرض له أهل غزة يوميا كما يشاهدون أفلام الاكشن ومباريات كرة القدم الحماسية ثم تنتهى متعتهم بنهاية الفيلم المثير أو المباراة الحماسية، ويذهبوا للاستمتاع بما لذ وطاب من الطعام.. بينما أهل غزة يسفون التراب ولا يجدون لقمة خبز ولو عفنة يسدون بها رمق أطفالهم الجوعى.
من السخف أن يحرض البعض عناصر حماس على مزيد من العناد والرفض ويجلس يصفق لعملياتهم التى أصبحت محدودة ونادرة جدا وقد لا يكون لها وجود على أرض الواقع.. بينما يغمض هؤلاء المشجعون السمج أعينهم عن معاناة أهل غزة وما يعانون من ويلات حرب الإبادة التى تشنها ليل نهار أحقر قوة احتلال فى التاريخ وتقصف فيها أرواح الأبرياء الجوعى دون أن تستطيع قوة فى العالم محاسبة العدو المجرم على جرائمه.. بل يحملون عناصر حماس المسئولية كاملة.
يجب أن نعترف أننا أصبحنا فى العالم العربى ضعفاء متفرقين مشتتين لا وزن لنا فى عالم اليوم رغم ما نمتلكه من ثروات طائلة نبعثرها بسفه كيفما نشاء ولا نوظفها لخدمة أمننا وقوتنا وسلامة مجتمعاتنا من الطامعين.. يجب أن نشعر بالخجل والحسرة والألم لعجزنا عن إنقاذ هؤلاء الضحايا من أهل غزة وغيرهم.. يجب أن نشعر بالعار أننا نغدق العطايا والمنح والهدايا على من يمد العدو المجرم بالمال والسلاح والدعم السياسي ويوفر له الحماية لكى يواصل أكبر حرب إبادة فى التاريخ.
المؤسف أن كثيرا من رواد مواقع التواصل الاجتماعي العرب لا زالوا يهللون لكل خبر أو فيديو ينقل لنا كمينا أو صيدا لعناصر الاحتلال دون أن يتأكدوا من مصداقية ذلك ودون أن يدركوا أن كل فرد يسقط من عناصر الجيش المجرم يسقط أمامه الف فلسطينى بأوامر من العصابة الصهيونية التى تقود جيش الاحتلال.. ثم نطالب أهل غزة المنكوبين بالصبر !!
أى صبر هذا الذى نطالبهم به ونحثهم عليه.. تقول الإعلامية الفلسطينية ( نعمة حسن) التى تعيش هى وبناتها يوميا تحت القصف بلا طعام أو ماء أو دواء :” أتعلمون أن ما تنشروه عن الكمائن التي يروج لها على أنها عمليات كبيرة ضد الاحتلال ..أنها تزيد في موتنا وتجعل الاحتلال يتغول ضدنا ويعرض نفسه كضحية وليس كقاتل .. وأن هذا النشر يكون دليل ضدنا لاسقاط حقنا بالمطالبة بوقف الابادة وأن ما ينشره البعض حول ذلك ويفتخر به هو فقط لجمع بعض الاعجابات والتهليل من أبطال السوشيال ميديا ..ونحن بالفعل نموت”.
فى ظل هذا الخنوع والضعف العربى يجب أن نخجل ونصمت طالما لسنا قادرين على إغاثة أهل غزة المطحونين.. فى ظل هذا الضعف وذلك الخنوع العربى المتواصل من حق مجرم الحرب الصهيونى (النتن ياهو) أن يتحدى العالم ويواصل الحديث عن انجازات جيشه المجرم فى غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا وإيران واليمن.. من حقه أن يتفاخر كل يوم أنه يغير خريطة الشرق الأوسط كاملة لصالح دولته اللقيطة.. بينما نكتفى نحن بتوجيه الشتائم له على مواقع التواصل الاجتماعى فى البلاد العربية ونعتبر هذه الشتائم هى غاية الكفاح والمواجهة بينما أرواح أهل غزة واليمن.. ومن قبل أهل الضفة الغربية ولبنان وسوريا والله وحده أعلم على أى شعب عربى ستكون الجولة القادمة؟
يدرك جيدا المجرم الصهيونى أن جيشه الارهابى ارتكب من الجرائم ما يندى له جبين الإنسانية، فهو لم يقتل عناصر المقاومة التى تواجهه فحسب، لكنه على ارض الواقع واجه وقتل شعوب عزل وأزهق أرواح عشرات الآلاف من الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى والعاجزين عن الحركة، وجوعهم ومنع عنهم الطعام والشراب والدواء، ودمر المستشفيات والمخابز ومحطات المياه، وجرف الزراعات التى كان يقتات منها الشعب الفلسطينى.
ارتكب الجيش الصهيونى بأوامر (النتن ياهو) والعصابة الإجرامية فى تل أبيب ما لم يرتكبه هتلر وغيره من زعماء الارهاب والقتل والتخريب والإفساد فى العالم، ولأنه قاتل ومجرم متأصل فى الإجرام يفتخر بأنه قتل الأطفال والنساء وقضى على وطن شعب كامل يقترب سكانه من الثلاثة ملايين ولا يزال يدمر فى المدمر ويطارد أهل غزة فى خيامهم وجدران بيوتهم المدمرة ليقضى على ما تبقى منهم تحت سمع وبصر قادة وشعوب العالم ومنظماته الدولية.
كل هذا حدث ويحدث بينما نكتفى نحن فى البلاد العربية ب “الجهاد الفيسبوكى” وتوجيه الشتائم الى نتنياهو وعصابته الإجرامية.. هو يقتل ويدمر ويخرب فى بلاد المسلمين ونحن نشتمه ونشتم من يدعمه دون أن نقوم بواجبنا الحقيقى فى استغلال ثروات بلادنا وعلاقاتنا السياسية وقدراتنا الاقتصادية فى الضغط على صناع القرار داخل الكيان الصهيونى المجرم لكى تتوقف المذبحة وننقذ من تبقى من أهل غزة.
العرب بما يمتلكون من قدرات اقتصادية وسياسية وعسكرية ليسوا ضعفاء الى درجة أن تعتدى عصابة صهيونية على 5 بلاد عربية فى وقت واحد.. العرب قادرون على المواجهة لو كانت لهم كلمة واحدة ولو رفضوا كل أساليب الوصاية الخارجية ولو أدركوا أن الخطر الذى يواجههم واحد.. وتخلصوا من شياطين الإنس التى تدفعهم الى دعم الحرب الأهليه فى السودان وفى سوريا وتشجيع جماعات التمرد السياسى والعسكرى فى ليبيا.